أيها الأب الكريم
التربية
مسئوليتك الأولى والأخيرة ، ولن يحاسب سواك على هذه المسئولية لقول الرسول
صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) ، وابنك من رعيتك
التي استرعاك الله عليها. فلا تترك الحبل على الغارب للطفل من بداية دخوله
للمدرسة إلى خروجه للحياة ، فهذا أمر ترفضه شريعتنا السمحاء ، وتعاليمنا
الغراء .
فعليك تأصيل المبادئ التربوية ، وتعويد الطفل عليها في
البيت قبل أن يدخل المدرسة ؛ لأن تأديب الطفل يكون منشؤه الأسرة من بداية
تدربه على النطق والمحاكاة والتقليد للوالدين والإخوة في البيت . فالأسرة
تقوم بعملية البرمجة والإيحاء اللذين يعدان الأساس الثالث لعملية التأديب
.
فالإيحاء : هو كل ما يدور في الحياة الأسرية من عمليات سلوكية ،
ومشاعر نفسية ، والتي تنتقل تلقائيا للطفل . والأسر السعيدة تضفي سعادتها
على الأبناء ، والأب الإيجابي هو من يتقن الرسائل الإيجابية غير المباشرة
والتي تتأصل في شخصية الطفل ، وتنمو مع التربية ، والإيحاء المستمر .
ويعني الإيحاء زرع الطموح ، وحب النجاح والقوة في اتخاذ القرار وحرية الاختيار المنضبط ، والدفاع عن النفس ، وعن القناعات الذاتية .
كما
يعني الإيحاء إقناع الطفل ، وبث المعاني الجميلة والصفات الإيجابية من
خلال فن ممارسة الإيحاء الذاتي . ومن أمثلة الإيحاء الذاتي ما يلي :
تفضل
يا ذكي ـ أحسنت يا بطل ـ ما شاء الله يا مبدع ـ ما أروع هدوءك ـ أنت متميز
في دراستك ـ ابني يفهم بشكل ممتاز ـ ابني يستمع نصائح والديه باستمرار ـ
ابني مطيع لربه ـ ابني نظيف ومرتب ـ ابني يتصرف تصرف المتميزين .
كما
يتم الإيحاء من خلال لغة الجسم : فالابتسامة تضفي إيحاء قويا بالهدوء
والطمأنينة ، وتحقق الطمأنينة والسعادة الذاتية . كما يجب الابتعاد عن
الإيحاء السلبي سواء من خلال اللغة اللفظية، أو لغة الجسم . فإطلاق النعوت
السلبية تقنعه بها مثل :
أنت غبي ـ أنت عنيد ، ستجعل من الطفل إنسانا
عنيدا فعلا ؛ لأن تكرار الإيحاء في حياة الطفل تبرمجه من خلال بناء
القناعة لديه . وكثرة الصراخ والتوبيخ في وجه الطفل توحي له بالاضطراب
وتسحب منه الطمأنينة والاستقرار .
أما البرمجة / فهي إعداد الطفل
للمستقبل . وفي السنوات الخمس الأولى تتم برمجة 70٪ من سلوك الطفل ، لذلك
كانت مرحلة الطفولة من أهم المراحل العمرية ، وتتم البرمجة من خلال :
اللغة
ـ التكرار ـ الحس والعاطفة ـ الممارسة والتدريب . ولعل خير مثال على
البرمجة الإيحائية " الصلاة " . وتحتاج البرمجة الإيجابية للطفل لوقت لا
يقل عن ثلاث سنوات من التعليم ، والتدريب والتشجيع ، والممارسة ،
والمتابعة ، وهذا ما أثبته علم البرمجة وقبله أكده الرسول صلى الله عليه
وسلم في حديث الصلاة . وهذا درس رائع للآباء والأمهات ليدرك الجميع أن
التربية تحتاج لوقت ، ومتابعة دقيقة وبرمجة مدروسة لنحاسب الطفل فيما بعد .
فعليك أيها الأب الكريم :
أولا: استشعار المسئولية أمام أبنائنا ، ومتابعتهم متابعة دقيق ) كلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته)
ثانيا : زيارة المدرسة بين فترة وأخرى ، أو حتى الاتصال بإدارة المدرسة ، والاستفسار عن سيرة ابنك داخل المدرسة بصفة مستمرة .
ثالثا : الحرص على حضور مجالس الآباء فلم تشكل هذه المجالس إلا بهدف الارتقاء بالعملية التعليمية والتربوية داخل المدرسة وخارجها .
************************
تقبل الله منا ومنكم ، وجزاكم الله خيرا